اخر الاخبار

6/مقالات/ticker-posts

Header Ads Widget

Responsive Advertisement

رحمك الله يا أمي

 








امي ماتت ..

أمي رحلت ..

وتركت  الدنيا وتركتنا ..

ذهبت لدار الحق ونحن في دار الباطل ،

"الموت علينا حق, الموت جزء من الحياة "

كما كانت تقول امي ..رحمة الله عليها قبل موتها ..

كان لي معها احاديث كثيرة عن امور كثيرة ..ومواضيع مختلفة ..فالحديث معها دوما كان له طعم مختلف تماما ..حتى رائحتها كانت مختلفة ..

كنت أحب جدا ان اشتم رائحة طرحتها ..وكانها تشبعني ..وتشبع بداخلي شيئا لم استطع تفسيره ، ولكن استطيع ان أفسره الان وهو الحب .

****

ومن ضمن حواراتى معها كلام عن الموت وحوارات مختلفة عن الرحيل من عالم الاحياء ..الى الذهاب عند رب الأرض والسماء .

فمن ضمن كلامي معها وهو كان على مراحل ومواقف مختلفة :

- أمي حبيبتى ..تصعب علي فكرة ان ترحلي أصلا .. هذا عندما تتحدث هي عن الموت .

لا أعرف كيف اعيش ان حدث لك مكروه ..وتركت انت  الحياة ..

- تقول لي بنيتي ..اللى ما يموت منين يفوت .

- ماذا تعنين .؟!

- اعنى ..اننا جميعنا  راحلون ...والدنيا كلها  مثل باب دخلنا منه ثم خرجنا من باب أخر .

انا اقول لها لا ..لا اتحمل فكرة أن ترحلي أصلا ..

هى تقول ..أمنت بالله الواحد الاحد ..وانه لا دوام الا له عز وجل ..

- انت متعلمة وتعرفين ذلك ..

- نعم انا متعلمة لكن فكرة انك تموتى دي ..صعب جدا ..لا اتخيلها اصلا .

- يا عالم بالحال يا بنتى .. محدش هيخلد عليها ..

ومرت الايام والسنون 

 وتعبت هي ،واصابتها  الشيخوخة ..وامراضها والتى كانت تتقبلها بكل ايمان وصبر ورضا ..

وكان سلواها وراحتها فى الصلاة والتسبيح .

- امى حبيبتى ..ربنا يتم شفاك على خير وتكوني أفضل .

تضحك ،بحكمة وتقول ..يا بنتى الجسد ده وعاء الروح لابد من ان يأتي يوما ويسلم أمانته للى خلقه .

جسدنا من تراب ..والروح ساكنة فيه فترة ..وستنتقل للى خلقها .

محدش مخلد ..

كل هذا الكلام طبعا اعلمه جيدا ،لكن فكرة انى اطبقه على أمى كان شيئ فعلا مستبعد .

- امى حبيبتى ربنا يبارك فى عمرك ويطول عمرك .

- يبارك في عمرى ..نعم, لكن يطيله ..عوزاني اعيش على طول يا بنتى اللى ربنا بيحبه ..ميطولش عليه ..يا بنتى الموت حق ..مثل الحياة تماما .

وانا مش خايفة من الموت لان الموت يعنى سنلاقي ربنا وربنا رحيم ،وكريم ولطيف.

يا امي يا حبيبتى ..انت مش عارفة انت ايه بالنسبة لي .؟!!

وده ميمنعش انى هموت ولازم تكوني مؤمنة ..وانا ثقتى فيك كبيرة ..انه عندما يأتى ذلك اليوم ستكونين قوية ومؤمنة .


كان مثل هذا الحوار ، يدور بيننا على مراحل طويلة ،.وانا صغيرة ..كنت لا افكر اصلا فى هذا الكلام ولا اتخيله ..وعندما كبرت وأدركت ..اصبحت استصعب جدا مجرد التفكير فيه .

وعندما وصلت لمرحلة من العمر ..لا مناص من ان أدرك فعلا اننا كلنا راحلون وأن أمي رحمة الله عليها كذلك .

 و نظرا لانني كنت أحبها حبا جما  وكانت هي تدرك ذلك ..فلقد هيأتني لموتها بشكل ايماني ..

علمتنى ان الموت رحلة لابد من ان تنتهي لكن اهم شيئ فيها ان يكون الله راضيا عنا فى نهاية الرحلة هذه ..

ومن هنا ..أوصي كل اب وكل أم بيحب اولاده بجد ..ان يتناول معهم هذا الموضوع ..ولكن بلطف وعلى مراحل مختلفة ..


بداية لتتم تهيئتهم لرحيلهم لمعرفة ان الموت جزء من الحياة .

حتى ان حدث ..يكون لديهم اتزان نفسي .

وايضا يعلمهم ان الموت ليس شرا, وانما الشر هو ان نموت والله غير راض عنا ..فيجب علينا أن نسعى فى الدنيا لرضاه عز وجل ..

يعلمهم ..ان لكل انسان دورة فى الحياة ..وسيموت ..فلا نغتر بمنصب ولا جاه ولا مال ولا تشغلكم اولادكم ..

علموهم ..بحب ..


أمي رحمة الله عليها ...وأنا صغيرة جدا كانت تصلي وتتقن صلاتها ..وكنت انا لحبي لها .أشعر بملل انها انشغلت عنى ..فاحدثها فلا ترد على ..فانا لم أكن افهم ماذا تعمل ..

فاكرر عليها النداء فلا ترد .. فاجلس أمامها ..فلا تعيرني اى انتباه .

فارفع من امامها سجادة الصلاة ..فعند سجودها تقوم بفرشها مرة أخرى ..


فكنت احيانا أبكي من تجاهلها لي, فكانت عندما تنتهي ..تحتضنني ..وتقول لي كنت اصلي لله وتضحك ..ولم يحدث ونهرتنى ولو مرة .

ولكن كانت تقول لى اللى بيصلى مينفعش يتكلم مع حد ..فقط يتكلم مع ربنا .

وعندما كبرت قليلا   ..وجدتني أحب الصلاة .واصلي معها وبجوارها .

كانت تقول لى عندما كبرت اكتر:

افضل شيئ عندي الكلام مع ربنا, وعندما نصلي لا نؤديها حركات فقط وانما اتحدث لله ..وكأنه امامي واقول له كل ما يضايقني او يحزنني ..وأجده ييسر لي الامور فله الحمد والشكر 

كلام يقال امامي وأنا طفلة فلا ادرك معناه .

وعندما كبرت  ..

عندما اقول لها ..انا متضايقة من امر ما ..تقول لي اذهبي وصلي ركعتين لله ..او اقرأي ما تيسر لك من القران .

وقتها كنت اقول ..ما دخل القران في مضايقتي انا.

ماذا سيفعل معي قراءة القران واستغرب..من العلاقة اصلا

 ..ولكننى عرفت وعلمت بعد ان كبرت وادركت معني هذا الكلام .


معني انك تبث الى خالقك نجواك وتتحدث الى الله بما في خلجات ذاتك .


علمت أن الصلاة نور للقلب ..وراحة للنفس .

علمت وشعرت واحسست ان الذي لا يصلي مسكين ..فقد فوت على نفسه الكثير والكثير 

كبرت ..

واحببت الصلاة واستمتعت بها واحببت القران واحببت طاعة الله ..وعلمت ان القران شفاء لما في الصدور .

وكبرت انا وادركت كل هذه المعاني 

وأصبحت اناديها عند اول الصلاة ..واطلب منها ترك ما في يديها ايا كان ..من اجل الصلاة .

فكانت تسعد ايما سعادة ..أني أعينها على طاعة الله ..وهي اصلا التى اعانتني ..

بل وتشكر الله انني احب الصلاة ..وهي اصلا السبب في ذلك .


امي حبيبتى ..يشهد الله انك قمت بدور الام الصالحة التقية المربية على ما يرضي الله 


فدائما ادعو لأمي دعاء خاصا انها هيأتني لموتها ..وانها حببتنى فى طاعة الله والقرب منه وحببت الي الصلاة بل حسن الصلة بالله ..وحببتني في كتاب الله منذ الصغر ..


فالأم هى اساس الايمان الحقيقي لاولادها ..

فهى من تعلمهم الحب لله والتوحيد لله والربط بالله ..

كما تطعمهم وهم صغارا حليبها ..تطعمهم معه ..حب الله الواحد الأحد ..



رحمة الله عليك يا أمي ..وأسكنك الله فسيح جناته ورزقك من نعيم القبر ..وجعله روضة من رياض الجنة, ورحمك رحمة تغنيك بها عن رحمة من سواه ..


والله ...امي تأتينى فى المنام كلما تعبت أنا ، او كنت مهمومة من شيئ ..فسواء في وجودها على ظهر الحياة أو عدم وجودها فهي لا زالت موجودة في حياتي .. بل وقريبة مني .. وأرى أن كل خير رزقني الله به هو من فضل دعواتها .


فاللهم اغفر لها وسامحها ..وسامح كل ام فارقت حياتها .. وصبر قلب كل ابن فارق امه ..واجمع بينه وبينها في عليين .

واجعلنا اللهم من الصالحين ليتقبل الله دعاءنا لهم ..



رحمك الله يا امي 

فانت .. لم تفارقينى لحظة ..ولكنك وحشتينى جدا .


ودمتم ودام الود بينكم وبين امهاتكم ..احياء كانوا او امواتا

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. مالي سمعتُ كأنْ لم أسمعِ الخبرا
    هل صار قلبيَ في أضلاعه حَجرا؟

    مالي جمدتُ فلم تهتزَّ قافيتي
    ولا شعرتُ ولا أبصرتُ من شعرا

    كأنَّ كلَّ سواقي الشعر قد أسِنت
    من جففَّ الشعرَ من بالشعرِ قد غدرا؟

    أنا الذي عزفت أوتارُه نغماً
    هزَّ الورى والذُرا والطيرَ والشجرا

    مالي سكتُ فلم أنطقْ بقافية
    ولا رأيت بعيني الدمعَ منحدرًا؟

    هل جففَّ الرملُ إحساسي وجففّني
    فأصبح الشعرُ لا علماً ولا خبرا؟

    وهل عجزتُ عن التعبير واأسفي كأنني لم اصغْ للغادةِ الدُررا!

    أمي تموت ويُمناها على كبدي
    يا أمُّ رُحماك إنَّ القلبَ قد فُطِرا

    هزّي سريري إني لم أزلْ ولداً
    ودّثرينيَ إن الريحَ قد زأرا..

    مُدي يَديّكِ كما قد كنت ألثمها
    فقد نهضتُ وَوَجْهُ الصبح قد سفرا

    ما زال صوتك يا أماه يتبعني يا ربُّ رُدَّ حبيباً أدمنَ السفرا

    يا ربِّ صُنْهُ من الأشرارِ كلهمُ ورُدَّ عنه الأذى والكيْد والخطرا

    واجبرْ إلهي كسْراً، حلَّ في ولدي
    فأنتَ تجبرُ يا مولاي ما انكسرا

    ما زال صوتك يا أماه يجلدُني
    إني أسأتُ وجئتُ اليوم معتذرا


    لا والذي خلق الدنيا وصورّها
    ما خنتُ عهدك يوماً، ما قطعت عُرى

    لكنها مِحَنٌ حلت بساحتنا
    أودت بفكر الذي قد روّض الفِكرا

    أمي تموت ولم أفزع لرؤيتها
    ولا قرأتُ على جثمانها سُورا

    ولا حملتُ على كِتْفي جِنازتها
    ولا مشيتُ مع الماشين معتبرا

    رحم الله أمي وأمكم وكل أم ماتت من أمهات المسلمين وغفر لهن وأبدل لهن سيئاتهن حسنات وجعل قبروهن رياضا من رياض الجنة واسكنهن فسيح جناته إن ربنا هو البر الرحيم
    وفقكم الله وسدد خطاكم وبارك فيكم ولكم وعليكم ونفع بكم وبقناتكم وجعل نشركم في ميزان حسناتكم يوم القيامة وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

    ردحذف